عن أبي محمد الحسن بن عليّ بن أبي طالب سبط رسول الله ﷺ وريحانته رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله ﷺ:
”دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”
. رواهُ الترمذيُّ والنّسائيُّ وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيح.
وقوله: "دَعْ" أي اترك "مَا يرِيْبُكَ" أي ما يلحقك به ريب وشك وقلق إِلَى "مَا لاَ يَرِيْبُكَ"
أي إلى شيءٍ لا يلحقك به ريبٌ ولا قلق. وهذا الحديث من جوامع الكلم وما
أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه، فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء
كثيرة،فنقول: دع الشك إلى ما لاشكّ فيه حتى تستريح وتسلم، فكل شيء يلحقك به
شكّ وقلق وريب اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب، وهذا ما لم يصل إلى حد
الوسواس، فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له. وهذا يكون في العبادات،
ويكون في المعاملات، ويكون في النكاح، ويكون في كل أبواب العلم. يقول: "رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيّ، وقَالَ التِّرْمِذِيّ:حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيْحٌ"
والحديث كما قال الترمذي صحيح، لكنْ في الجمع بين كونه حسناً وكونه
صحيحاً إشكال، لأن المعروف أن الصحيح من الحديث غير الحسن، لأن العلماء
قسموا الحديث إلى: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره،
وضعيف. فكيف يُجمع بين وصفين متناقضين لموصوف واحد: حسن صحيح؟ ؟ أجاب
العلماء عن ذلك بأنه: إن كان هذا الحديث جاء من طريق واحد فمعناه أن الحافظ
شكّ هل بلغ هذا الطريق درجة الصّحيح أو لازال في درجة الحسن. وإذا كان من
طريقين فمعنى ذلك: أن أحد الطريقين صحيح والآخر حسن.
الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف،سبط النبي ﷺ ، والسبط: هو ابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً، وقد وصفه النبي ﷺ بأنه الإمام السيد، ريحانة رسول الله ﷺ
، وسيد شباب أهل الجنة، أبو محمد القرشي المدني الشهيد، ابن فاطمة الزهراء
رضي الله عنها، مولده في شعبان سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: نصف رمضان، وهو
أكبر من أخيه الحسين بعام، وهو سيد شباب أهل الجنة، حج خمسًا وعشرين مرة،
وتولى الخلافة بعد أبيه، واستمر في الخلافة نحو ستة أشهر بالحجاز واليمن
والعراق وخراسان، ثم دعاه كرمُه وحِلمه وورعُه لتركها لمعاوية رفقًا
بالمسلمين، روى عن النبي ﷺ ثلاثة عشر حديثًا، ومات مسمومًا سنة خمسين، رضي الله عنه وأرضاه. فقد قال الرسول ﷺ عن: (إِنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ،وَسَيُصْلِحُ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ)
وكان الأمر كذلك، فإنه بعد أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبويع
بالخلافة للحسن تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله بهذا التنازل
بين أصحاب معاوية وأصحاب علي رضي الله عنهما، وحصل بذلك خير كثير. وهو
أفضل من أخيه الحسين رضي الله عنهما،لكن تعلقت الرافضة بالحسين لأن قصة
قتله رضي الله عنه تثير الأحزان، فجعلوا ذلك وسيلة، ولو كانوا صادقين في
احترام آل البيت لكانوا يتعلقون بالحسن أكثر من الحسين،لأنه أفضل منه.