عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ قال:
”اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن”
رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسن، وفي بعض النّسخ: حسنٌ صحيح.
قوله: (اتَّقِ اللهَ) أي اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه. (حَيْثُمَا كُنْتَ) حيث: ظرف مكان، أي في أي مكان كنت سواء في العلانية أو في السر، وسواء في البيت أو في السوق، وسواء عندك أناس أو ليس عندك أناس. ( وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا)(أتبع) فعل أمر، و (السيئة) مفعول أول، و (الحسنة) مفعول ثان. ( تَمْحُهَا) جواب الأمر، ولهذا جزمت، والمعنى: إذا فعلت سيئة فأتبعها بحسنة،فهذه الحسنة تمحو السيئة. واختلف العلماء - رحمهم الله - هل المراد بالحسنة التي تتبع السيئة هي التوبة، فكأنه قال: إذا أسأت فتب، أو المراد العموم؟ الصواب: الثاني، أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن توبة، دليل هذا قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات)( وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا) فبين النتيجة هي أنها تمحوها. ( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) أي عامل الناس بخلق حسن. والخُلُق: هو الصفة الباطنة في الإنسان، والخَلْقُ: هو الصفة الظاهرة،والمعنى: عامل الناس بالأخلاق الحسنة بالقول وبالفعل. فما هو الخلق الحسن؟ قال بعضهم: الخلق الحسن: كف الأذى، وبذل الندى، والصبر على الأذى - أي على أذى الغير - والوجه الطلق. وضابط ذلك ما ذكره الله عزّ وجل في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ) أي خذ ما عفا وسهل من الناس، ولاترد من الناس أن يأتوك على ما تحب لأن هذا أمر مستحيل، لكن خذ ما تيسر (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وهل الخلق الحسن جِبْلِيٌّ أو يحصل بالكسب؟ الجواب: بعضه جبلي، وبعضه يحصل بالكسب .
أبو ذر الغفاري ، رضي الله عنه : المشهور أن اسمه : جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن عفان . قال الذهبي رحمه الله : " أحد السابقين الأولين ، من نجباء أصحاب محمد ﷺ . قيل: كان خامس خمسة في الإسلام. ثم إنه رد إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي ﷺ له بذلك، فلما أن هاجر النبي ﷺ هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه ولازمه وجاهد معه. وكان يفتي في خلافة أبي بكر عمر وعثمان . قيل: كان آدمَ [ يعني : أسمر اللون ] ، ضخما ، جسيما ، كث اللحية. وكان رأسا في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوالا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم. وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر " . قال ابن كثير رحمه الله : " هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَيَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَقَوْمِهِ، فَكَانَ هُنَاكَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَهَاجَرَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ لَزِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً" ،وكان رسول الله ﷺ يحبه، ويعتني بأمره، ويرشده إلى ما يصلحه:عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ) . هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي … و هو من الانصار … و كان له زوجتان و ولدان و بنت … وكان يكنى بأبو عبد الرحمن ،قيل ان معاذ بن جبل ولد مابين سنة 602 ميلاديا و بين سنة 607 ميلاديا و قد ولد في يثرب و هي المدينة المنورة حاليا . لقد اسلم الصحابي الجليل معاذ بن جبل و هو كان عمره ثمان عشر سنة … و شهد بدرا و شهد المشاهد كلها مع رسول الله ﷺ … و بعثه رسول الله ﷺ الى اليمن بعد غزوة تبوك ليعلم الناس هناك دين الله و يعلِّم الناس القرآن و شرائع الإسلام و يقضي بينهم ،فقدكان الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه من اكثر الصحابة علما بالحلال والحرام … كما انه قارئا جيدا للقرآن و كان زاهدا ورعا متصدقا كريما متعبدا لله مجتهدا في العبادة … و قد كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل معلما للناس دين الله وناصحا لهم … وكان يعتبر من اكثر الصحابة علما بالفقه .