عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَال: (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.
قوله: (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِيالخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) اللام هنا للتعليل، أي تجاوز من أجلي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. والخطأ: أن يرتكب الإنسان العمل عن غير عمد. والنسيان: ذهول القلب عن شيءٍ معلوم من قبل. والاستكراه: أن يكرهه شخص على عمل محرم ولا يستطيع دفعه، أي: الإلزام والإجبار. وهذه الثلاثة أعذار شهد لها القرآن الكريم. أما الخطأ والنسيان فقد قال الله عزّ وجل: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) . وأما الإكراه: فقال الله عزّ وجل: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فرفع الله عزّ وجل حكم الكفر عن المكرَه،فما دون الكفر من المعاصي من باب أولى لاشك. إذاً هذا الحديث مهما قيل في ضعفه فإنه يشهد له القرآن الكريم كلام رب العالمين.
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي بن كلاببن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهرالقرشي الهاشمي، صحابي جليل , وهو ابنعم النبي ﷺ , كني بأبو العباس وهو أكبر ولده, لقب بالبحر والحبر ؛ لسعة علمه وحدة فهمه , وبترجمان القرآن ؛ لأنه فسر القرآن وبينه فأجاد وأحسن بيانه ,وفي اللغة ترجم الكلام إذا بينه ووضحه, وأبو الخلفاء وهو والد الخلفاء العباسيين ، ففي ولده كانت الخلافة العباسية،ولد والنبي ﷺ وأهل بيته بالشعب من مكة، فأتي به النبي ﷺ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين , وقيل بخمس رأى جبريل عليه السلام مرتين : وقال ابن سعد: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار، عن عكرمة، قال: أرسل العباس عبد الله إلى النبي ﷺ ، فانطلق، ثم جاء، فقال: رأيت عنده رجلا لا أدري من هو فجاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بالذي قال عبد الله، فدعاه، فأجلسه في حجره ، ومسح رأسه، ودعا له بالعلم. عن ابن عباس: " أنه رأى جبريل مرتين، ودعا له النبي ﷺ مرتين. صحب النبي ﷺ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ وضبط الأقوال والأفعال والأحوالودعا له فنال من بركة دعوته ما نال من فضل وعلم: عن ابن عمر قال: دعا رسول الله ﷺ لعبد الله بن عباس فقال: " اللهم بارك فيه وانشر منه" و عن ابن عباس قال انتهيت إلى النبي ﷺ وعنده جبريل فقال له جبريل: إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا. توفي رضي الله عنه بالطائف سنة ثمان وستين ، ويقال سنة تسع وستين,وهو ابن سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة ،وصلى عليه محمد بن الحنفية,وقيل أنه لما ماتأقبل طائر أبيض، فدخل في أكفانه، فما خرج منها حتى دفن معه.