الأربعون النووية
نص الحديث شرح الحديث ترجمة الراوي فيديو الحديث

عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ) حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة.

قوله : (جَاءَ رَجُلٌ) لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه، ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل، وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته. وقوله: (دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس) هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس. فدله النبي على عمل معين محدد،فقال: (ازهَد في الدُّنيَا) والزهد في الدنيا الرغبة عنها، وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة، وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ، والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر . وقوله: (يُحِبكَ الله) هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين: الوجه الأول: دنيا في الزمن. الوجه الثاني: دنيا في المرتبة. فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً، قال النبي : "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" وقال النبي "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" إذاً الدنيا ليست بشيء. وقوله: (وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس) أي لا تتطلع لما في أيديهم، ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس، وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً، لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

هو أبو العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعد بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي‏. وهناك من قال إن كنيته هي "أبا يحيى" ، ولد قبل الهجرة بخمس سنين. ويذكر أنه اسمه في الأصل كان "حزنًا" ولكن الرسول - - قام بتغيير ذلك الاسم إلى اسم سهل؛ وذلك لأنّ الرسول - - كان يحب الأسماء الطيبة الحسنة والإيجابية، وكان يغير كل الأسماء القبيحة أو التي تحتوي على شرك بالله تعالى، مثل عبد الشمس، وغيرها. لقد أمدّ الله في عمر الصحابي سهل بن سعد، وعاش طويلًا، حتى أنّه أدرك الحجاج في حياته، ويذكر أنّ الحجاج أرسل له ذات يوم، وسأله: لما لم تنصر أمير المؤمنين عثمان؟، فقال له سعد: فعلت، قال له: كذبت، وأمر بأن يختم على عنقه؛ إذلالًا منه له، حتى يبتعد عنه الناس ولا يسمعوا منه. يقول سهل بن سعد الساعدي: خرجت إلى بيت المقدس حتى أتيت دمشق، فوجدت أهله يعلقون الديباج والحجب، والنساء يلعبون في الدف، فقلت: ألأهل الشام عيد لا نعرفه؟ فوجد قومًا يتحدثون، فسألهم ألكم عيد لا نعرفه؟، فقالوا له: يا شيخ نراك غريبًا، فقال: فقال أنا سهل بن سعد، رأيت رسول الله - -، وأحمل حديثًا، فقالوا: ما أعجب السماء لم لا تمطر دمًا، والأرض لم تخسف، فقال: ولم هذا؟، قالوا: هذا رأس الحسين يهدى من العراق. توفي بالمدينة سنة 88 هـ وقيل بعدها. وهو آخر الصحابة وفاة في المدينة. وقال بعضهم أنّه عاش مائة سنة أو أكثر وعلى هذا يكون توفي سنة ست وتسعين أو بعدها.

الإستماع إلى متن الحديث

مشاهدة شرح الحديث

الحديث (30) الحديث (32)